سورة الفجر - تفسير تفسير الألوسي

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (الفجر)


        


{وَأَمَّا إِذَا مَا ابْتَلَاهُ فَقَدَرَ عَلَيْهِ رِزْقَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَهَانَنِ (16)}
{وَأَمَّا إِذَا مَا ابتلاه} عامله معاملة من يبتليه ويختبره بالحاجة والتفقير ليرى هل يصبر أم لا {فَقَدَرَ عَلَيْهِ رِزْقَهُ فَيَقُولُ رَبّى أَهَانَنِ} بتقدير وأما هو أي الإنسان إذا ما ابتلاه إلخ ليصح التفصيل ويتم التوازن وبقية الكلام فيه كما في سابقه والظاهر أن كلتا الجملتين متضمنة لإنكار قول الإنسان الذي تضمنته وإنكار قوله إذا ضيق عليه رزقه ربي أهانن لدلالته على قصور نظره وسوء فكره حيث حسب أن تضييق الرزق إهانة مع أنه قد يؤدي إلى كرامة الدارين ولعدم كونه إهانة أصلًا لم يقل سبحانه في تفسير الابتلاء فإهانه وقدر عليه رزقه نظير ما قال سبحانه أولا {فاكرمه ونعمه} [الفجر: 15] وإنكار قوله إذا أكرم ربي أكرمني مع قوله تعالى فاكرمه أولًا من حيث أنه أثبت إكرام الله تعالى له على خلاف ما أثبت الله تعالى وهو قصد أن الله تعالى أعطاه ما أعطاه إكرامًا له مستحقًا ومستوجبًا قصدًا جاريًا على ما كانوا عليه من افتخارهم وزعمهم جلالة أقدارهم والحاصل أن المنكر كونه عن استحقاق لحسب أو نسب وفي المفصل ما يدل على أن أصل الإكرام منكر لا كونه عن استحقاق وإنكار أصل الإهانة يعضده ووجهه ما أثبته تعالى من الإكرام إن الله عز وجل أثبت الإكرام بإيتاء المال والتوسعة وهو جعله إكرامًا كليًا مثبتًا للزلفى عنده تعالى فإنكار أنه ليس من ذلك الإكرام في شيء وجوز أن يكون الإنكار إنكارًا للإهانة فقط يعني أنه إذا تفضل عليه بالخير وأكرم به اعترف بتفضل الله تعالى وإكرامه وإذا لم يتفضل عليه سمي ترك التفضل هوانًا وليس به قيل ويعضده ذكر الإكرام في قوله تعالى فأكرمه وفي الآية مع ما بعد شمة من أسلوب قوله تعالى: {إن الإنسان خلق هلوعًا إذا مسه الشر جزوعًا وإذا مسه الخير منوعًا} [المعارج: 19-21] ولا يخفى أن الوجه هو الأول وقرأ ابن كثير أكرمني وأهانني بإثبات الياء فيهما ونافع بإثباتها وصلا وحذفها وقفا وخير في الوجهين أبو عمرو وحذفها باقي السبعة فيهما وصلا ووقفا ومن حذفها وقفا سكن النون فيه وقرأ أبو جعفر وعيسى وخالد والحسن بخلاف عنه وابن عامر فقدر بتشديد الدال للمبالغة.


{كَلَّا بَلْ لَا تُكْرِمُونَ الْيَتِيمَ (17)}
{كَلاَّ} ردع للإنسان عن قوليه المحكيين وتكذيب له فيهما لا عن الأخير فقط كما في الوجه الأخير وقد نص الحسن على ما قلنا وقال ابن عباس رضي الله تعالى عنهما المعنى لم أبتله بالغنى لكرامته على ولم أبتله بالفقر لهوانه على بل ذلك لمحض القضاء والقدر وقوله سبحانه: {بَل لاَّ تُكْرِمُونَ اليتيم} إلخ انتقال وترق من ذمه بالقبيح من القول إلى الأقبح من الفعل والالتفات إلى الخطاب لتشديد التقريع وتأكيد التشنيع وقيل هو بتقدير قل فلا التفات نعم فيه من الإشارة إلى تنقيصهم ما فيه والجمع باعتبار معنى الإنسان إذا المراد هو الجنس أي بل لكن أفعال وأحوال أشد شرًا مما ذكر وأدل على تهالككم على المال حيث يكرمكم الله تعالى بكثرة المال فلا تؤدون ما يلزمكم فيه من إكرام اليتيم بالمبرة به والإحسان إليه وفي الحديث: «أحب البيوت إلى الله بيت فيه يتيم مكرم» وقرأ الحسن ومجاهد وأبو رجاء وقتادة والجحدري وأبو عمرو لا يكرمون بياء الغيبة.


{وَلَا تَحَاضُّونَ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِينِ (18)}
{وَلاَ تَحَاضُّونَ} بحذف احدى التاءين من تتحاضون أي ولا يحض ويحث بعضكم بعضًا {على طَعَامِ المسكين} أي على اطعامه فالطعام مصدر عنى الإطعام كالعطاء عنى الإعطاء وزعم أبو حيان أن الأولى أن يراد به الشيء المطعوم ويكون الكلام على حذف مضاف أي على بذلك طعام المسكين والمراد بالمسكين ما يعم الفقير وقرأ عبد الله وعلقمة وزيد بن علي وعبد الله بن المبارك والشيرزي عن الكسائي كقراءة الجماعة إلا أنهم ضموا تاء تحاضون من المحاضة وقرأ أبو عمرو ومن سمعت الحسن ومن معه ولا يحضون بياء الغيبة ولا ألف بعد الحاء وباقي السبعة بتاء الخطاب كذلك وكذا الفعلان بعد والفعل على القراءتين جوز أن يكون متعديًا ومفعوله محذوف فقيل أنفسهم أو أنفسكم وقيل أهليهم أو أهليكم وقيل أحدًا وجوز وهو الأولى أن يكون منزلًا منزلة اللازم للتعميم.

2 | 3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8 | 9